الملحق الثاني: البعد المعياري في المشروع التكاملي
الملحق الثاني: البعد المعياري في المشروع التكاملي
مقدمة
يشكل البعد المعياري في المشروع التكاملي حجر الأساس لرؤية حضارية شاملة، حيث تستند هذه الرؤية إلى الحقوق الوجودية باعتبارها تجليًا كونيًا للشروط التكوينية التي وُجدت لدعم الإنسان في تحقيق مهمته الوجودية. هذه الحقوق ليست مجرد توافقات اجتماعية أو سياسية، بل هي انعكاس للحكمة الكونية التي تنظّم العلاقات بين الإنسان ومحيطه، بما يحقق التوازن والعدالة في الوجود.
1. الحقوق الوجودية كأساس معياري
تعريف الحقوق الوجودية:
- الحقوق الوجودية هي حقوق مستمدة من ملاحظة الحكمة الكونية، التي تُظهر أن الكون منظم بطريقة تُمكّن الإنسان من تحقيق مهمته ككائن ذو قيمة وجودية.
- هذه الحقوق تمثل إطارًا معياريًا يحدد الشروط التي يحتاجها الإنسان لتحقيق ذاته والانسجام مع محيطه.
وظيفة الحقوق الوجودية:
- ضمان الشروط التي تُمكن الإنسان من أداء دوره بفعالية ضمن النظام الكوني.
- توفير إطار معياري ثابت يُرشد الأفراد والمجتمعات لبناء أنظمة عادلة ومستدامة.
- توجيه العلاقات الإنسانية نحو التوازن بين الحقوق الفردية والمسؤوليات الجماعية.
2. خصائص الحقوق الوجودية
شمولية:
- الحقوق الوجودية تنطبق على جميع البشر بغض النظر عن ثقافاتهم، دياناتهم، أو انتماءاتهم.
إلزامية:
- تُعتبر هذه الحقوق ضرورة وجودية لتحقيق العدالة والاستقرار ولا يمكن تجاهلها.
مطلقة:
- نابعة من الحكمة الكونية، ما يجعلها غير قابلة للتلاعب أو التغيير.
متجاوزة للنسبية:
- على عكس الحقوق الوضعية، تتسم الحقوق الوجودية بالثبات لأنها تعكس نظامًا كونيًا دائمًا.
3. الفرق بين الحقوق الوجودية والحقوق الوضعية
الحقوق الوضعية:
- تعتمد على التوافقات الاجتماعية والسياسية.
- عرضة للتغيير والتأثير بالمصالح السياسية والاقتصادية.
- نسبية وقد تختلف من مجتمع إلى آخر.
الحقوق الوجودية:
- مستمدة من الحكمة الكونية، مما يجعلها شاملة ومطلقة.
- تُشكل أساسًا ثابتًا وغير قابل للتفاوض.
- تهدف إلى حماية الإنسان وتحقيق التوازن الكوني.
4. تطبيق الحقوق الوجودية في المشروع التكاملي
في الهندسة التأسيسية:
- تُستخدم الحقوق الوجودية كإطار معياري لتصميم الأنظمة السياسية، الاجتماعية، والاقتصادية.
- تضمن بناء أنظمة تُحقق العدالة والاستدامة على المدى الطويل.
في المجالات الاجتماعية:
- تضمن توزيعًا عادلًا للموارد مع حماية التنوع الثقافي.
- تحقيق التوازن بين حقوق الأفراد وواجباتهم تجاه المجتمع.
في السياسات الاقتصادية:
- تقديم نماذج تُعزز العدالة التوزيعية والاستدامة.
- الحد من استغلال الموارد بما يضمن حقوق الأجيال الحالية والمستقبلية.
في التشريعات السياسية:
- اعتماد الحقوق الوجودية كأساس لبناء الشرعية السياسية.
- حماية حقوق الأفراد ومنع التعدي على كرامتهم أو حرياتهم.
5. أهمية الحقوق الوجودية
كمعيار عالمي:
- تُقدم الحقوق الوجودية لغة مشتركة تُمكّن من بناء جسور بين الثقافات والمجتمعات المختلفة.
كضمان للعدالة والاستدامة:
- تُعزز الحقوق الوجودية العدالة الاجتماعية والاستدامة الاقتصادية والبيئية.
كأداة لإعادة بناء الحضارة:
- تُعيد صياغة الأنظمة الاجتماعية والسياسية على أسس تتجاوز أزمات النظام المادي التقليدي.
الخلاصة
تشكل الحقوق الوجودية العمود الفقري للبعد المعياري في المشروع التكاملي. إنها تجلٌّ للحكمة الكونية التي تهدف إلى تحقيق الانسجام بين الإنسان والعالم. عبر تأسيس هذه الحقوق كإطار معياري شامل، يوفر المشروع التكاملي رؤية جديدة لتطوير الأنظمة الاجتماعية، السياسية، والاقتصادية بما يحقق العدالة والاستدامة والكرامة الإنسانية.